الإذاعي ماهر عبد العزيز يكتب : يوليو والرئيس وإفريقيا 

ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ التي نحتفل بها هذه الأيام كانت مهمتها ثقيلة حيث أصبحت الثورة الملهمة للشعوب التي تسعى للاستقلال والحرية ليس في المنطقتين العربية والإفريقية فقط ولكن في آسيا وأمريكا الجنوبية وتماثيل الرئيس جمال عبد الناصر والمدارس والجامعات والطرق التي تحمل اسمه خير شاهد على ذلك في مختلف بقاع الأرض .. في قارة إفريقيا تجد أسماء مثل جمال .. ناصر .. خالد .. هدى .. منى هذه الأسماء منتشرة حباً في القائد والزعيم الذي ساعد ودعم حركات التحرير الإفريقية في كل ربوع القارة – أقولها مرة ثانية – ساعد ودعم حركات التحرير الساعية لنيل الاستقلال عن الدول الاستعمارية .. مصر عبد الناصر لم تدعم أو تتواصل مع قوى معارضة سواء سلمية أو مسلحة

وحتى نفهم الأمر من الضروري أن نعرف ماهي الإذاعات الموجهة .

إن الإذاعات الموجهة هي إذاعات عابرة للحدود تخاطب جمهور معين في مكان معين بلغته ومصر لديها 35 إذاعة موجهة تصدر بـ23 لغة مختلفة.

 

و بالنسبة للإذاعات الموجهة لإفريقيا توجه ب ١٠ محطات لإفريقيا وحدها بـ9 لغات منهم 3 لغات عامة وهي العربية والإنجليزية والفرنسية، و6 لغات إفريقية منها 4 لغات لمنطقة شرق ووسط إفريقيا”وهذه اللغات هي اللغة السواحلية في دول الشرق الإفريقي وحوض النيل، واللغة الأمهرية التي في إثيوبيا وجزء من إرتريا، واللغة الصومالية في منطقة القرن الإفريقي، والعفرية في جيبوتي، ولغة الهوسا الموجهة لتخاطب نيجيريا وغانا، واللغة الفولانية وتخاطب الكاميرون والسنغال.

إن الإذاعات الموجهة أنشئت بقرار رئاسي من الرئيس جمال عبدالناصر، أواخر عام 1953، عندما أسست مصر حركة “عدم الانحياز”، حيث حاولت من خلالها نشر مبادئ عدم الانحياز وتعميق العلاقات بين مصر ودول القارة.

عندما انتهيت من دراسة اللغات الإفريقية ( السواحيلية ) والخدمة العسكرية تقدمت للعمل بالإذاعات الموجهة بقسم اللغة السواحيلية وبدأت أدخل إلى هذا العالم لمدة ١٩ سنة -قبل أن أنتقل للعمل بالأخبار – وألتقي بالوفود الإفريقية كان لي حظ لقاء الزعيم الإفريقي الكبير سام نيوما زعيم ناميبيا التاريخي أولا في الجمعية الإفريقية والذي زارها وهو في طريقه من لندن إلى ناميبيا لبدء الحملة الانتخابية الرئاسية حيث كان يوجد مكتبه وهو رئيس حركة سوابو ثم وهو رئيساً لناميبيا حيث كان يحرص على زيارة هذا المكتب كلما زار مصر والجلوس على مكتبه القديم وسجلت معه حواراً إذاعياً حكى فيه كيف دعمت مصر حركات التحرير وكيف كان الزعيم جمال عبد الناصر يتعامل معهم وهم في مقتبل العمر ووضع في أول الكتاب الذي روى فيه عن هذه الفترة صورة له والرئيس جمال عبد الناصر يشعل له السيجارة وفي ختام الحوار صمت ثم قال ( نم و استقر أيها الرئيس العظيم فقد كنا رجالاً كما تمنيت وحررنا بلادنا ) وكان بالجمعية الإفريقية مكاتب حركات التحرير من كل القارة والإذاعات الموجهة كانت صوتهم إلى دولهم.

وكثيراً ما قمت بتغطية الوقفات و التظاهرات التي كانت تطالب بالإفراج عن الزعيم نيلسون مانديلا … وخرج مانديلا من السجن بعد ٢٧ عاماً وكان أول خروج له من جنوب إفريقيا إلى القاهرة .. طبعاً القاهرة حيث مكتبه بالجمعية الإفريقية بالزمالك .. وكانت الإذاعات الموجهة إلى الجنوب الإفريقي بلغات الشونا والزولو والاندبيلي والإنجليزي تقوم بدورها في محاربة العنصرية البغيضة في جنوب إفريقيا ولم أصدق نفسي حينما كنت وجهاً لوجه مع الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا أسلمه درع اتحاد الإذاعة والتلفزيون وأنقل صوته عبر أثير الإذاعة المصرية ليشكر مصر على ما قدمته وخص الرئيس جمال عبد الناصر بالشكر لما قدمه لدعم المواطن الإفريقي حتى انتهت العنصرية من الجنوب الإفريقي وشرفت بلقائه بعد أن أصبح رئيساً لجنوب إفريقيا ليثني على مصر دائماً وما قام ويقوم به الدكتور بطرس بطرس غالي من أجل القارة الإفريقية .. كما حظيت بشرف الحوار مع رئيسة جمهورية إفريقيا الوسطى ( كاثرين سامبا بانزا ) وأشادت فخامتها بالإعلام المصري وخاصة الإذاعات الموجهة المصرية.

وسافرت إلى كينيا في أول مهمة لي بالإذاعة بعد عام واحد من العمل والتقيت بالمستمعين وشاهدت صور الزعيم جمال عبد الناصر في منازلهم والكتب التي أمر الرئيس عبد الناصر بترجمتها وبطباعتها في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية حول أركان الإسلام باللغات الإفريقية كونت مكتبات في بيوتهم وحكى لي صحفي كيني ذو شأن أن الرئيس جومو كينياتا أول رئيس لكينيا بعد الاستقلال عندما عاد من لندن بعد أن حصل على الاستقلال قدم الشكر لمصر وإذاعة السواحيلي وقال ( ما قامت به الإذاعة السواحيلي الموجهة من القاهرة لا يقل عما قمنا به من أجل استقلال بلادنا ) .

إنها مصر يا سادة مصر الثورة ..ثورة يوليو ١٩٥٢ الذي أعاد بوصلتها الإفريقية الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ فزار الدول الإفريقية ونظم مؤتمر الشباب العربي الإفريقي ويرأس الاتحاد الإفريقي في دورته الحالية .

لذلك فإن الإذاعات الموجهة المصرية تقوم الآن بدور كبير للتعريف بالدور الريادي لمصر وتزيد من متانة أواصر الصداقة والعلاقات بين مصر وباقي دول القارة.

شاهد أيضاً

ستة أعوام ثَرية بالإنجازات لصالح تمكين المرأة المصرية بقلم أ.د. غادة عامر

منذ بداية الدولة المصرية لعبت المرأة دوراً مُهماً في المجتمع المصري، وكان لها مكانة خاصة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *