اجتماع طارئ بجامعة الدول العربية

الأمين العام: ” قرار الإدارة الأمريكية إهدار للشرعية الدولية ومبادئ العدالة”
عقد أمس اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، بناءًا على طلب من فلسطين والأردن لمناقشة التحركات العربية إزاء قرار الإدارة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، لمناقشة و بحث التحركات العربية الواجبة إزاء هذا التغير الذي يمس بمكانة القدس ووضعها القانوني والتاريخي.

أبو الغيط: ضرورة تنحية الخلافات والانقسامات جانبًا علي العرب كافة وعلى الفلسطينيين بصفة خاصة
“اجتماعنا اليوم استثنائي بكل ما تحمله الكلمة من معنى..لما تتعرض له مدينة القدس من تهديد لوضعيتها القانونية
والتاريخية وهذا لا يخص الفلسطينيين وحدهم، إنما العرب جميعًا، بمسلميهم ومسيحيهم، والعالم الإسلامي باتساعه.
ولا يسعنا أمام هذه المُنعطفات الفاصلة سوى أن نتبنى نهج المصارحة الكاملة، وأن نسمي الأشياء بأسمائها .. إن القرار الذي اتخذته الإدارة الأمريكية يوم السادس من ديسمبر الجاري بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها، هو قرارٌ مُستنكر ومرفوض ولا يُمكن تبريره تحت أي ذريعة، أو بأي منطق .. إنه قرار خطير في تبعاته، سيء في مضمونه وشكله، ومُجحفٌ بالحقوق العربية، ومخالفٌ للقانون الدولي وللقرارات الأممية .. إنه قراراٌ يُدين الدولة التي اتخذته، والإدارة التي مررته، ويضع علامة استفهام حول دورها ومدى التزامها بتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، بل في العالم بأسره.
أرجو أن أضع أمام حضراتكم، وأمام الرأي العام العربي الذي ,يُتابع بقلق التطورات الأخيرة، مجموعة من النقاط التي أراها ذات أهمية:
أولًا : إن هذا القرار الأمريكي، الذي تحركه في المقام الأول أغراض داخلية واضحة، هو قرار باطل.. وما يبنى عليه باطل , بالضرورة.. وهو لا يرتب أية آثار على الوضعية القانونية للقدس، إذ أن هذه الوضعية ثابتة بفعل قراراتٍ أممية على رأسها قرار مجلس الأمن رقم 478 لعام 1980 الذي يرفض ضم إسرائيل للمدينة.. وآخرها القرار 2334 لعام 2016 الذي يؤكد على عدم الاعتراف بأية تغييرات تُجريها إسرائيل على حدود 1967 بغير
طريق المفاوضات.
ووضعية القدس محمية بمبادئ ثابتة في ميثاق الأمم المتحدة الذي لا يُجيز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة أو قيام القوة القائمة بالاحتلال بضم الأراضي التي تقع تحت سيطرتها..
والقدس في نظر القانون الدولي هي أرضٌ محتلة لا سيادة لدولة الاحتلال عليها، واعتراف الولايات المتحدة بهذه السيادة ونقلها لسفارتها إلى المدينة لا يُغير من هذه الحقيقة شيئًا، ولا ينشئ أي أثر قانوني في تغيير وضع القدس كأرض محتلة.. وإلا كانت القوة هي التي تصنع الحق.. وليس الحق فوق القوة كما هو ثابت في
كل الشرائع الأخلاقية والأديان السماوية والمبادئ القانونية.
ثانيًا: قرار الإدارة الأمريكية هو في جوهره ومضمونه، شرعنةٌ للاحتلال واعترافٌ بجواز فرض الأمر الواقع بالقوة، وإهدار للشرعية الدولية ومبادئ العدالة.. وبالتالي فهو يضع من اتخذه في حال تناقض صارخ مع الإ رادة الجماعية للمجتمع الدولي.
ثالثًا: إن هذا القرار يقوض الثقة العربية في الطرف الأمريكي كراعٍ تاريخي لعملية التسوية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بل ويدفع الجانب الفلسطيني، ومن ورائه الدول العربية، لإعادة النظر في محددات هذه العملية وغاياتها، ومدى تحقيقها لأهدافها من إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 ، وعاصمتها القدس الشرقية.
رابعًا: لقد كشف رد الفعل العالمي على قرار الإدارة الأمريكية، المُدان والمرفوض، مدى عُزلة الموقفين الأمريكي
والإسرائيلي.. لقد تداعت دول العالم من الغرب والشرق لرفض هذا القرار وإدانته وتباين أثره السلبي على الاستقرار في المنطقة وعلى فرص الحل السلمي القائم على رؤية الدولتين.. وإننا إذ نُقدر هذه المواقف الدولية المُساندة ونثمنها، فإننا ندعو كل الشعوب المُحبة للسلام لأن ترفع صوتها صريحًا بلا مواربة برفض قرار الرئيس
الأمريكي.. ونؤكد إن الرد العملي على هذا القرار المُجحف وغير القانوني ينبغي أن يكون الاعتراف بالدولة الفلسطينية المُستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.. لذلك فإنني أحث الدول التي لم تعترف بعد بالدولة الفلسطينية القيام بذلك في أقرب فرصة.. فهذا الاعتراف يكتسب اليوم أهمية أكثر من أي وقت مضى، سواء في دعم الموقف الفلسطيني أو من باب الانتصار للشرعية الدولية التي انتهكها القرار الأمريكي.
إن الموقف من قضية القدس يجب أن يظل معيارًا حاكمًا في علاقة الدول العربية بالدول الأخرى.. لذلك فإننا نتطلع لالتزام كافة الدول بعدم نقل سفاراتها إلى مدينة القدس المحتلة.
خامسًا: إن الغضب الشعبي الفلسطيني والعربي الذي نلمسه جميعًا مفهومٌ بل ومتوقع.. فالقدس، بالنسبة للأمتين العربية والإسلامية، ليست موضوعًا سياسيًا فحسب، وإنما هي مكون رئيسي في الوجدان الديني المسلم والمسيحي، وركنٌ ركين في الهوية القومية والثقافية.. ويخطئ من يظن أن العرب مع انشغالهم بما يتعرضون له من أزمات وتهديدات قد يضعف دفاعهم عن قضيتهم المركزية، أو يقلل اهتمامهم بالمسألة
الفلسطينية.. هذه قراءةٌ خاطئة لا تفهم اتجاهات الرأي العام العربي على نحو صحيح.. إن القضية الفلسطينية تظل محط اهتمام العرب من المحيط إلى الخليج، بل هي قضيتهم الأولى
التي يجمعون عليها إجماعًا كاملًا، ويتفقون على عدالتها اتفاقًا أكيدًا، ويهبون لنصرتها بكل سبيل..
وقد حذرت كما حذر غيري من المسؤولين من التبعات الخطيرة للقرار الأمريكي على الأمن والاستقرار في المنطقة.. وإننا نحمل الإدارة الأمريكية،وسلطات الاحتلال الإسرائيلية، مسؤولية أي تدهور في الأوضاع الأمنية سواء في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي قلبها القدس الشرقية أو في عموم المنطقة.
سادسًا: لا ينبغي أن يُنسينا القرار الأمريكي المُجحف الواقع الخطير على الأرض.. إن القدس تتعرض لهجمة إسرائيلية شرسة غير مسبوقة في ضراوتها تستهدف تغيير التركيبة السُكانية للمدينة، وعزلها عن محيطها الفلسطيني عبر غرس المستوطنات غير الشرعية في قلب الأحياء العربية في القدس الشرقية، وفى محيط البلدة القديمة وفيما بين القدس والضفة الغربية وذلك علي النحو الذي تابعناه في اليومين الماضيين عقب الإعلان الأمريكي.. هذا فضلًا عن المحاولات المُتكررة للمس بالأماكن المقدسة وتغيير الوضع القائم فيها، كما حدث في أزمة الحرم الشريف في يوليو الماضي.. ولا شك أن القرار الأخير سيطلق يد الاحتلال الغاشمة أكثر، ويُعطي نشاطاته الاستيطانية زخماً أكبر .. إن الفلسطينيين من سكان القدس يمارسون صمودًا أسطوريًا..
وصمودهم شرفٌ للأمة كلها.. ويتعين إسناد وجودهم في المدينة بكل سبيل ممكن .. لهذا فإنني أناشد الجميع العمل على سرعة جسر الفجوة المالية التي يواجهها صندوقا القدس والأقصى، بل والسعي إلى زيادة مواردهما بما يتناسب مع جسامة التحدي وخطورة الموقف الذي يواجهه أهلنا في القدس.

إن العرب لم يتركوا بابًا للسلام العادل إلا طرقوه، ولم يجدوا سبيلًا إلى التفاوض إلا سلكوه.. إلا أن المحصلة كانت ترسيخًا للاحتلال، وإمعانًا في الاستيطان والفصل العنصري .. وأخيرًا، يأتي هذا الإفتئات الصارخ على محددات العملية السياسية التي تقضي بعدم استباق نتائج المفاوضات بشأن أي من قضايا الحل النهائي،التي تُعد القدس في مقدمتها.. إن هذا الجور على مبادئ التسوية من جانب الراعي الرئيسي الذي يُفترض فيه الحياد يدعونا إلى مراجعة مواقفنا، وإعادة حساباتنا.. وهذه اللحظة تقتضي منا جميعًا التفكير في البدائل المُتاحة أمامنا بعقل مفتوح وحساب دقيق للمكاسب والخسائر المحتملة.

إن هذه اللحظة الفارقة تفرض علي العرب كافة، وعلى الفلسطينيين بالأخص، تنحية الخلافات والانقسامات جانبًا والعمل المنسق الجاد لخدمة القضية المركزية.. إن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية.. وهي
جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 .. هذه حقائق لا يُغيرها قراراٌ مُجحف، ولا ينتقص من شرعيتها إجراء باطل.. القدس للفلسطينيين ما بقوا فيها، صامدين مرابطين.. وطالما صدح الآذان من المسجد الأقصى ودقت أجراس كنيسة القيامة.. ويقيني إن قادم الأيام سيُثبت إن هذه الإدارة الأمريكية وقفت في الجانب الخاطئ من التاريخ.

سامح شكري وزير الخارجية: إعلان ترامب يعد تحول منافٍ للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن
” إن الاستيطان الإسرائيلي يبتلع حقوق الشعب الفلسطيني منذ عقود كثيرة ويقف المجتمع الدولي عاجزًا على إنفاذ الشرعية الدولية في قضية جاوز عمرها الـسبعين عامًا هى عمر الأمم المتحدة ذاتها، موضحًا إن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس يعد تحول مؤسف ومناف للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن”.

وأكد “شكري”، علي أن القضية الفلسطينية تمر بمنعطف شديد الدقة عبر تاريخها وهو ما يعد جرس إنذار أخير للمجتمع الدولي والعرب والمسلمين بأن الوضع الملتهب في فلسطين يضع المنطقة العربية على حافة الانفجار ، وتابع:”غضب الشعب الفلسطيني الذي تفجر في الأمس أكبر دليل على تلك المخاطر “وشدد وزير الخارجية ، على أن القرار الأمريكي يعتبر مخالفة صريحة للقوانين الدولية.

رياض المالكي وزيرخارجية دولة فلسطين:إعلان ترامب يجرد أمريكا من لعب دور الوسيط في عملية السلام
” إن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن جعل القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، يمثل مكافأة للمحتل واعتداء على كل الشعب الفلسطيني وحقوقه، وإن “دولة فلسطين تعتبر ذلك إساءة وخرقًا للقانون الدولي”.

وتابع “المالكي”، بأن إعلان ترامب يعد خرقًا ممنهجًا لحقوق الإنسان التي تتم من قبل الاحتلال على مرأى من دول العالم، فضلًا عن أنه يجرد أمريكا من أهليتها في لعب دور الوسيط في عملية السلام وإنهاء الصراع بالمنطقة العربية”, مؤكدًا علي أنه لن يكون هناك سلام بدون قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وإن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطيئة تعدت كل الأبعاد، وتابع:”القدس عاصمة الفلسطينيين الأبدية مسلمين ومسيحيين”، والقدس غاضبة الآن بسبب الرؤية الضيقة لأمريكا وإسرائيل التى تضيع أى فرصة للسلام وتتمادى في ممارسة إرهابها وعدوانها على الشعب والأرض الفلسطينية.

وقد سبق الاجتماع الوزاري العربي، اجتماع طارئ لـ”لجنة مبادرة السلام العربية”، وتضم كلًا من: الأردن (رئيسًا) وعضوية مصر والبحرين وتونس والجزائر والسعودية والسودان والعراق وفلسطين وقطر ولبنان والمغرب واليمن وسوريا (المجمدة عضويتها ) إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية.
وجدير بالذكر” إن القرارات التي ستخرج عن اجتماع وزراء الخارجية العرب، ستؤكد الرفض العربي لهذه الخطوة التي تهدم عملية السلام في المنطقة، وإن أبرز القرارات سيكون تكليف المجموعة العربية في نيويورك للتحرك من خلال أجهزة الأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس الأمن للتراجع عن هذه الخطوة والتحذير من خطورة تداعياتها على المنطقة”.

شاهد أيضاً

الأعلى للإعلام: استدعاء الممثلين القانونيين لقناتي “الشمس” و”هي”

قررت لجنة الشكاوى بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، برئاسة الإعلامي عصام الأمير، وكيل المجلس، استدعاء الممثلين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *