صالح الصالحي … اوعى تصدق نفسك وحي القلم

اوعى تصدق نفسك مهما خدمتك الظروف وأعطتك ما لا تستحق، على الرغم من أنك متدني الكفاءة .. لا تغتر فسيأتي قريبا يوم تدفع ثمن تمتعك بفرصة لا تستحقها.. فرصة ساقتها إليك أوضاع مقلوبة وظروف استثنائية خصّبتها مواهبك في النفاق والتملق، فخلقت منك مغروراً هشاً صدق نفسه.. صدق أنه مستحق ما هو عليه الآن.. بل ذهب لأبعد من ذلك فأخذ يحلم بما هو أعلى.. يورث بطانته وحاشيته لمكانه الحالي.. ألبس نفسه دوراً في المنح وتوزيع العطايا.
السؤال الذي يدور في أذهانكم الآن .. عمن أتحدث؟..
الإجابة عن أشخاص يعيشون حولنا.. استطاعوا أن يتمكنوا بفضل مواهبهم الخلاقة في المداهنة وتزييف الحقائق وتلميع » الأكر»‬ في الوصول لبعض المناصب القيادية .. وأحاطوا أنفسهم بالذباب من الأشخاص الذين يحملون نفس صفاتهم، الذين يحيطون كل أصحاب المناصب، من شلة المنتفعين الذين يبحثون عن منافع مع كل شخص في كل عصر.. يخلقون منهم آلهة عصورهم ومعجزات زمانهم علي عكس الحقيقة؛ ليأخذوا المزيد والمزيد!!
ولا أحد يجرؤ علي توجيه كلمة نقد لتصحيح المسار أو لإصلاح أمر.. فمن يفعل ذلك فهو حاقد يغار من موهبتهم الخلاقة.
شيء غريب أن يصدق الحاصل علي فرصة لا يستحقها أنه بالفعل، خُلق من أجلها ويسوقه غروره إلى أنه يستحق الأفضل والأفضل..
رغم أن الأيام أثبتت فشله.. إلا أنه لايتصور ابداً أنه
»‬ماطار طير وارتفع إلا وكما طار وقع».. هذا حق .. وإن لم يحدث ذلك فإنه ستكون هناك فتنة لا يرضاها الله .. فلابد لعدل الله أن يسود ولو بعد حين..
البعض يقول لي كفاك تلميحاً.. وكن صريحا أكثر من ذلك عمن تتحدث ؟!
أقول لكم لا تخدعوا أنفسكم فأنتم أعلم بهم مني.. ومجالس النميمة تمتلئ حولنا بمن نصبوا أنفسهم أصحاب الأمر والنهي في مهنتنا ومهن أخرى.. وكأنها عزب لديهم مفاتيحها.. يختارون من يرثها من بعدهم حتي يضمنوا أن الآتي يمتلك من الولاء ما يسمح لهم بالاستمرار في اللهو في هذه العزب كما يشاءون.. ولا أحد أبداً يفكر في الإصلاح حتى يحمد له أنه ترك بصمة في مؤسسات كانت صاحبة الفضل عليه وخلقت منه أستاذاً يشار إليه بالبنان ويقدم مثلا وقدوة للأجيال الجديدة.
من حوالي ربع قرن كان جيلي ينظر بكل إجلال وتقدير لأساتذة كلهم كانت لهم البصمة والريادة، وكل واحد منهم كان صاحب مدرسة وقلم تتلمذوا أيضا على يد أساتذة عظماء وضعوا أسس ومناهج تدرس إلى الآن في كليات ومعاهد الإعلام والصحافة.
وكنا ننتظر أن يأتي علينا الدور لنعبر عن أنفسنا… فدائما ما يكون ذلك بين جيل الشيوخ والشباب.. وعند تسلم جيلي للمسئولية وغياب هذا الجيل العظيم عن المشهد.. حدثت هزة في الوسط الصحفي والإعلامي.. وذلك بتولي الحزب الوطني مقاليد التغييرات في المؤسسات الصحفية.. وتولي البعض من محاسيب الحزب الوطني الذين أساءوا فعلا لهذه المرحلة السابقة علي ثورة ٢٥ يناير وكانت الثورة من توابع هذه المرحلة.. حيث جواز مرور الكثير منهم هو العلاقة برجالات الحزب الوطني حتى اختيار وزير الإعلام كان بهذا الوازع في ذلك الوقت .. والذي يعتبر آخر وزراء الإعلام الفعليين.
وتوالت السقطات في تولية بعض ضعيفي الكفاءات بمجئ فترة الإخوان.. ولا أنكر أنه كان هناك بعض من تولوا على قدر مناسب من الموهبة إلا أنهم أبداً لم يكونوا في قامة الأساتذة الكبار الذين تركوا بصمة كبيرة مازالت موجودة حتى الآن على المستوى العربي والمحلي.. حتى إن المؤسسات كانت تقترن بأسمائهم
أمثال الأستاذ مكرم محمد أحمد متعه الله بالصحة، وكذلك أساتذتنا جلال دويدار وإبراهيم سعدة وإبراهيم نافع ومحمد البنا. 
ولم نسمع عن هؤلاء سوى حبهم للمهنة وتقديم العون لشباب الصحفيين.. لم نسمع أنهم اتخذوا هذه المهنة شعاراً للتربح من ورائها ولم نسمع ما نسمعه الآن في جلسات النميمة عن تفوههم بأنهم سيمنحون هذا ويمنعون عن هذا.. لم يكن امامهم ولا همهم سوى المهنة من أجل المهنة.. وأتصور أن أجور البعض وقت أن خرجوا من مؤسساتهم لم تصل للحد الذي وصلت إليه أجور البعض في مؤسسات صغيرة خاسرة.. ماتركوه لنا هو الكلمة الصادقة التي تتعلم منها الأجيال. 
وأقول لكم كفوا عن شق الصف في مؤسساتنا وانقذوها من الضياع وقدموا خططاً للإصلاح. فلم يعد أمامكم الكثير فقد داهمكم الوقت. 

جريدة الأخبار

شاهد أيضاً

ستة أعوام ثَرية بالإنجازات لصالح تمكين المرأة المصرية بقلم أ.د. غادة عامر

منذ بداية الدولة المصرية لعبت المرأة دوراً مُهماً في المجتمع المصري، وكان لها مكانة خاصة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *