مكرم محمد أحمد … صمام أمان لعلاقات مصر والسودان!!

الواضح من التزامات الرئيسين عبدالفتاح السيسي وعمر البشير المتبادلة في لقاء الخرطوم الأخير، أن مصر والسودان يدخلان مرحلة جديدة في علاقات البلدين، أساسها المصارحة والمكاشفة ودفع العلاقات الثنائية إلى آفاق ترقى إلى طموحات الشعبين الشقيقين، اللذين تربطهما أواصر أزلية وجيرة أخوية من عمر الخليقة ومصير مشترك يوثقه ارتباط مصالحهما بنهر النيل العظيم شريان الحياة وهمزة الوصل بين الشعبين الشقيقين، والواضح أيضاً أن الرئيسين البشير والسيسي عازمان على إجهاض أية محاولة لتعكير صفو العلاقات بين البلدين، مصممان على حل الملفات الشائكة بين الطرفين، وألا يكون النزاع الحدودي حول مثلث حلايب سبباً في توتر العلاقات بين السودان ومصر، وأن البحث عن حلول لهذه الملفات الصعبة ينبغي أن يتم في إطار التوجه العام الجديد في علاقات البلدين، دون العمل على توتر الأجواء، ودون معارك إعلامية، وبما يحقق المصالح المشتركة بين الشعبين، ويدفع بعلاقات البلدين إلى أهدافها الاستراتيجية، وأكد البيان المشترك للرئيسين السيسي وعمر البشير اهتمامهما البالغ بأمن منطقة البحر الأحمر، وضرورة التشاور والتنسيق المستمر، ومنع التدخلات الأجنبية السابقة والتنسيق الإقليمي بما يحفظ مصالح كل شعوب المنطقة، وتبادلا وجهات النظر حول مختلف القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وأبديا سعادتهما وارتياحهما بالتطورات الإيجابية في المنطقة المتمثلة في تطبيع العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا، وإنهاء مرحلة من العداء بين البلدين استمرت عقدين من الزمان، وكان لها أثرها السلبي على استقرار منطقة القرن الإفريقي. واتفق الرئيسان البشير والسيسي على تعزيز التعاون المصري السوداني في المجالات الاقتصادية والتجارية ودعم وتشجيع الاستثمار المشترك، وتذليل كل العقبات التي تواجهه، كما أسفرت مباحثات الخرطوم عن تشكيل لجنة برئاسة وزيري خارجية البلدين تضم وزراء الري والزراعة والكهرباء والإعلام والتجارة والصناعة والنقل والمواصلات والاتصالات والشباب، على أن تعقد اللجنة اجتماعا فنياً على مستوى وكلاء الوزارات في السابع من أغسطس تقترح فيه المشروعات المشتركة.

وما يؤكد عزم الرئيس السيسي والبشير على مرحلة جديدة تماماً في علاقات مصر والسودان، تضمن للبلدين توافقا استراتيجيا على الأهداف الأساسية، واتفاقا مفصلا على كيفية إدارة علاقات البلدين بما يضمن حصانتها من محاولات التخريب، والتزاماً كاملا بإجهاض كل محاولات تعكير صفو العلاقات، ولعلها المرة الأولى التي يقطع فيها الرئيسان الشك باليقين، بالتأكيد على أن مشكلة حلايب ينبغى ألا تكون سبباً لتوتر العلاقات بين البلدين، وأنها يمكن أن تجد حلها الصحيح في إطار التوجه العام الجديد في علاقات البلدين، وقد عبر الرئيس السيسي بشفافية كاملة عن هذا التوجه عندما أكد في لقائه مع نخبة المثقفين السودانيين أن عليهم ألا يتوقعوا من مصر سوى كل خير، لأن مصر لا تُضر أحدا فضلا عن التزامها الأخلاقي تجاه شعب السودان أبناء وادي النيل، كما أعرب الرئيس السيسي بكلمات صادرة من القلب عن سعادته بزيارة السودان والالتقاء بمفكريها وقيادات العمل السياسي السوداني، مؤكداً أن سياسة مصر تقوم على مبادئ راسخة بعدم التدخل في شئون الآخرين، وعدم التآمر على أية دولة ومد روابط التعاون والتنمية والسلام مع الجميع، في إطار ثابت من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة.

وقد طالب الرئيس السيسي الإعلاميين بعدم العودة إلى التراشق الإعلامي، موجها الحديث إلى الصحفيين والإعلاميين المصريين كي يكونوا دائما منبرا لتحسين العلاقات بين البلدين، يغذون الخير والسلام والاستقرار، ولا يسيئون لأحد، مؤكداً أهمية وجود بروتوكول تعاون بين الصحفيين في البلدين، وقد أعد المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بمصر مذكرة تفاهم مع وزارة الإعلام السودانية، تطالب في حال وقوع أي خلاف عربي أو مصري سوداني بمراعاة الحفاظ على ثوابت العلاقات بين البلدين، ومنع أي هجوم يستهدف أياً من الشعبين المصري والسوداني، ومن الضروري أن تدرك كل الأطراف أن الخلافات مؤقتة وعابرة، كما تمنع أي اتهامات متبادلة بالتخوين، وتمنع كذلك استخدام ألفاظ السباب لأن تفاهم الجانبين المصري والسوداني يشكل أساساً صحيحاً للتفاهم مع أي من دول حوض النيل، كما ينص مشروع الاتفاق على توظيف الأقمار الصناعية لأي من البلدين، لكي تكون في خدمة العلاقات بين البلدين، ويشجع البلدان تبادل البرامج والمواد الإعلامية والإنتاج المشترك بين أجهزة إعلام البلدين، وتنسيق الخطاب الإعلامي، وتبادل مناهج التدريب، كما يتعهد البلدان بتشكيل لجنة مشتركة من المختصين في البلدين لوضع برامج المتابعة والتقويم الدوري لمهامهما المشتركة.

جريدة الأهرام

شاهد أيضاً

ستة أعوام ثَرية بالإنجازات لصالح تمكين المرأة المصرية بقلم أ.د. غادة عامر

منذ بداية الدولة المصرية لعبت المرأة دوراً مُهماً في المجتمع المصري، وكان لها مكانة خاصة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *