حذرت صحيفة هاآرتس على لسان رئيس أركان حرب القوات الإسرائيلية جادي إيزنكوت خلال جلسة حكومة إسرائيل قبل يومين من أن قطاع غزة على حافة الانهيار بسبب الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية وتفاقم مشكلات البطالة وزيادة حالة الإحباط بسبب تعثر جهود المصالحة الوطنية بين فتح وحماس، وعرض رئيس الأركان الإسرائيلي خلال جلسة مجلس وزراء إسرائيل السيناريوهات المحتملة عقب تدهور الأوضاع في القطاع، أخطرها تزايد حجم تظاهرات الفلسطينيين عند السياج الحدودي مع إسرائيل، وزيادة فرص الصدام بين الأمن الإسرائيلي والفلسطينيين، واحتمال وقوع حوادث دامية تدفع الفلسطينيين إلى اجتياح الحدود لأنه حتى وقت قريب كانت تدخل القطاع ما بين 800 و 1200 شاحنة تحمل الغذاء والمؤن هبطت أخيراً إلى حدود 300 شاحنة بما زاد الأوضاع سوءاً وأدى إلى تزايد عدد المتظاهرين عند السياج الحدودي، ويزيد من سوء الوضع تجميد واشنطن المساعدات الأمريكية التي كانت تحصل عليها وكالة غوث اللاجئين أدى إلى تفاقم سوء الأوضاع في القطاع.
وثمة أنباء عن مصادر عربية بأن قطاع غزة يستعد لمواجهة مع إسرائيل في غضون بضعة أيام وأن الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس تستعد للمواجهة في مدى الساعات أو الأيام القليلة المقبلة ، وأن الخطر واقع لا محالة بنسبة تصل إلى 95 في المائة، وأن الجناح العسكري لحماس والفصائل الأخرى أعلنت درجة الاستعداد القصوى وأخلت معظم مقارها ونشرت حواجز أمنية وشرطية على امتداد القطاع تحسباً لأي طارئ.
ورغم أن يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لقطاع غزة يعتقد أن معظم هذه التخوفات مصدرها أن إسرائيل تجري الآن تدريبات ومناورات على امتداد حدودها مع القطاع، وثمة من يعتقدون أن إسرائيل قد تستغل هذه المناورات لشن عملية عسكرية في قطاع غزة في إطار حملة من الضغوط الإسرائيلية المتزايدة على سكان القطاع، شملت هدم فصلين دراسيين في قرية أبو نوار بدعوى أن الفصلين بُنيا دون تصاريح مناسبة، على خلاف قرار المحكمة العليا الإسرائيلية التي أمرت العام الماضي بعدم هدم الفصلين، كما هاجم أمس المبعوث الأمريكي لعملية السلام جرينبلات حماس مندداً بأنها لا تبذل جهداً كافياً لتحسين حياة سكان القطاع الذين تطمع في حكمهم، وعوضاً عن ذلك تختار حماس زيادة التوتر والتصعيد والتسبب في معاناة سكان القطاع، يساعدها على ذلك مساعدات إيران إلى القطاع التي تبلغ مائة مليون دولار تستخدمها حماس في شراء السلاح وبناء الأنفاق.
ولا يعرف بعد أسباب الهجوم الإسرائيلي على حماس التي تلتزم التهدئة توافقاً مع اتجاهات إسرائيلية ترى أن الوقت ليس مناسباً للتصعيد لأن الأولوية ينبغي أن تكون لمعالجة بعض مشكلات القطاع الأساسية مثل انقطاع المساعدات الأمريكية عن وكالة غوث اللاجئين التي تقدم خدمات مهمة للاجئين الفلسطينيين وتحسين خدمات المياة والكهرباء التي تنقطع معظم ساعات النهار، وتخفيف وقع الحصار والمقاطعة، وإحياء جهود المصالحة مع فتح خاصة أن حرباً جديدة على غزة سوف تسفر عن المزيد من التدمير والموت دون أن تأتي بجديد!
وأغلب الظن أن الضغوط الإسرائيلية على القطاع الآن تتعلق بمحاولات الإسرائيليين تليين موقف حماس من قضية تبادل الأسرى، حيث تطالب إسرائيل بإعادة رفات الجندي الإسرائيلي جولدين وإطلاق سراح زميله منجستو مع اثنين آخرين من عرب إسرائيل، لكن الدرس المستفاد من تصاعد التوتر في قطاع غزة أن سياسات الرئيس الأمريكي ترامب في عقاب الفلسطينيين ـ إنهم غاضبون من قرار القدس ــ سياسات فاشلة تعكس غطرسة القوة التي فقدت حكمة القرار، وبدلاً من التهدئة تصر على أن تصب المزيد من الزيت على نار مشتعلة.
جريدة الأهرام
المجلس الاعلى لتنظيم الاعلام – الموقع الرسمي الموقع الرسمي للمجلس الاعلي لتنظيم الاعلام المصري